البناء اللغوي للشعر الهندسي العماني: المؤتمر العلمي الدولي الثالث عشر "الموروث الثقافي والحضاري في سلطنة عمان بين الأصالة والمعاصرة"

Research output: Chapter in Book/Report/Conference proceedingConference contribution

Abstract

اهتم جملة من الشعراء العُمانيين بالتفنّن في إخراج القصائد العمانية، فجعلوا بنيتها اللغوية قابلة للتشكل بأشكال هندسية بديعة، ونحن إذ نقدِّم هذه الدراسة نستعرض جملة من اهتمامات العمانيين بهندسة الشعر، ونعرِّج على تحليل مجموعة من الأعمال الشعرية البديعة التي قصد ناظموها إمكان رسمها رسمًا فنِّيًّا يُظْهِر ملامحها الهندسية، ويركِّز تحليلُنا على البناء اللغوي للشعر الهندسي، ونقصد به التَّقَانات والمعطيات اللغوية التي مكّنت الشاعر من هندسة قصيدته سواء كانت معطيات صوتية أو صرفية أو تركيبية أو عَروضية أو جرافيميكيًّا.
وعلم الهندسة "يفحص في الخطوط، وفي السطوح، وفي المجسَّمات على الإطلاق، عن أشكالها ومقاديرها وتساويها وتفاضلها، وعن أصناف أوضاعها، وترتيبها، وعن جميع ما يلحقها مثل النقط والزوايا وغير ذلك... ببراهين تعطينا العلم اليقين الذي لا يمكن أن يقع عليه الشك".
أردنا بهذا التعريف أن نميز دراستنا لهندسة الشعر عن الدراسات المعتادة التي تحمل عنوان "التشكيل" مثل كتاب "التشكيل بالصورة في الخطاب الرومانسي، شعر عبدالقادر القط نموذجًا" فهذا الكتاب وغيره من الكتب المعنية بالتشكيل في الشعر- تُعْنَى بالطرائق اللغوية التي يستعملها الشعراء للتعبير، مثل التشخيص والتجسيد وتراسل الحواس والمفارقة التصويرية والزمن والتناص والإيقاع والرمز. فالتشكيل بهذا المفهوم هو مجرد كلمات معبرة عن الخيال وليس شكلًا هندسيًّا في صورة حيِّز له أضلع أو أبعاد أو خطوط أو سطح أو نقاط أو نحو ذلك.
إن الاهتمام بهندسة النص موضوع بكر لم يطرق بابه إلا القلة من الباحثين، فبعضهم درسه دراسة تاريخية تُعْنَى بالتداخل بين وظائف المهندسين والوظائف الأخرى في التاريخ الإسلامي كما فعل فرحات الدريسي في مقاله "استحصال المعنى في النص العلمي"، وبعضهم اهتم بتحقيق التراث العربي الهندسي والرياضي كما فعل رشدي راشد ومحمد سويسي وأحمد سليم سعيدان وخليل جاويش وأحمد جبار وغيرهم، فقد أسهم رشدي راشد في إعادة دور وَيْجَن بن رستم الكوهي (405هـ/1014م) والحسن بن الحسن بن الهيثم (ت430هـ/1040م) والمظفر بن محمد الطوسي (571هـ/1213م) في التراث الرياضي والفيزيائي العالمي، وتجاوز التراثُ العربي الإرثَ اليونانيَّ الهندسي حين نقد الخيّامُ المُسَلَّمة الإقليدية الخامسة، وواصل الطوسي مشروعه في الرسالة الشافية عن الخطوط المتوازية ورسالة الموضوعة الخامسة، وتجاوز التراثُ العربيُّ الإرثَ الفلكي اليوناني حينما شكّ ابن الهيثم في مفاهيم بطليموس وحاول منصور بن علي بن عراق (394هـ/1036م) ومحمد بن أحمد البيروني (408هـ/1050م) الاستفادة من إرث حبش الحاسب أحمد بن عبدالله المروزي (232هـ/874م) ومحمد بن موسى الخوارزمي (232هـ/874م) ومحمد بن جابر بن سنان البَتّاني (287هـ/929م) ومحمد بن ملك داد التبريزي (645هـ/1248م). وتجاوز التراثُ العربيُّ الإرثَ الطبيعي الفيزيائي حين نقد إبراهيم بن سنان (335هـ/946م) أرسطو وأتباعه وتجاوز ابن الهيثم نظرية الإبصار، وتطورت بناء الأشكال الهندسية بالآلات والحيل الهندسية مثل رسم القطوع المخروطية وتطورت مباحث الانكساريات والانعكاسيات، حتى اعترف جايمس فيفرياي James Février أن أفضل مثال على تأثير الكتابة في الحضارة- آثارُ الأنباط والتدمريين.
وقد رأينا أن نقسم الدراسة إلى مبحثين، فنجعل الأول لتقديم إطلالة عامة على عناية العمانيين في القديم والحديث بربط الشعر بالنقوش والخطوط الجميلة، ونجعل المبحث الثاني في تحليل البناء اللغوي الذي قامت عليه نماذج من الشعر الهندسي.
Original languageArabic
Title of host publicationالبناء اللغوي للشعر الهندسي العُماني
Publisherجامعة آل البيت
Publication statusPublished - Nov 26 2018

Cite this