ملامح الدرس الصوتيّ وعلاقته بالدلالة في كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس لابن الأنباري: Features of the audio lesson and its relationship to significance in the book Al-Zahir in the meanings of people's words by Ibn al-Anbari

أخذ مجمع اللغة العربية في ليبيا على عاتقه مهمة الإسهام في الدَّرْس
الصوتي ؛ ومن ثَمّ دعا إلى مؤتمر ( اللغة أصوات ) ، متواصلاً مع ثلاثة مؤتمرات سابقة ، وامتثالاً لهذه الدعوة وقع اختياري – في إطار ما يُعدُّ نشاطًا لي- على كتاب ( الزَّاهر في معاني كلمات النَّاس ) ، لابن الأنباريّ ( ) ؛ مُبتغيًا من وراء هذا البحث بيان دور أحد القدماء في الدَّرس الصَّوتي ، من خلال الكتاب المذكور ، وعلاقة ذلك بالمعني ،أي رَصْدُ الدوالِّ الصوتية والكشْف عن أسرارها لدى ابن الأنباري ، في ضوء ما كتبه القدماء والمحدثون ، وهو الأمر الذي ترتّب عليه- بناءً على فهمي المتواضع – أنْ تمثّل لي البحث بعد المقدّمة مُقسّمًا على تمهيدٍ للتّعريف بالكتاب موضِعِ الدراسة ، وخمسَةِ مباحثَ ، كما يلي :
المبحث الأوّل : الإِبدال الصَّوتيّ بين الصوامت .
المبحث الثَّاني : الإِحلال بين الصوائت القصيرة .
المبحث الثَّالث : القلب المكانيّ .
المبحث الرَّابع : الانسجام الصوتيّ " المماثلة – المخالفة – الإتباع والمزاوجة " .
المبحث الخامس : غير الصَّحيح صوتيًّا " .
وانتهى البحث بالخاتمة وقائمة المصادر والمراجع ، وتبين من خلال الخاتمة أنَّ الأمثال أو أقوال الناس - موضوع الكتاب – بها العديد من القضايا الصوتية ، ممّا يمكن بحْثه ، نحو الإبدال الصوتيّ بين الصوامت ، والإحلال بين الصوائت القصيرة ، والقلب المكانيّ ، وضروب الانسجام والتناسب الصوتيّ ، نحو المماثلة والمخالفة ، والإتباع والمزاوجة ، وقضية غير الصَّحيح صوتيًّا ، والهمْز وترْكه ، وغير ذلك من مباحث علم الأصوات ، ممّا أحالتُ عليه . وتبيّن أنَّ منهج ابن الأنباري في الزاهر – وعلى وجه التحديد في تناوله للقضايا الصوتية – يطبعه المنهج الوصفيّ ، فوصف المادة اللغوية التي جمعها من أمثال الناس وأقوالهم ملاحظًا إيّاها مستقرئًا لها من خلال مستويات اللغة المختلفة ، مع وجود بعض التعليلات القليلة . وفي إطار ذلك حرص ابن الأنباري على تدعيم آرائه من خلال القرآن الكريم والحديث الشريف أحيانًا والشعر والنثر ، ممّا يمكِّننا من القول بأنَّ كلّ هذا الاستشهاد يُعتبر من أهم الأسس المنهجية التي بنى عليها تناوله لهذا القدر من كلمات النَّاس ، وفي إطار ذلك كلِّه لم يغفل ابن الأنباري العلاقة بين مستويات التحليل اللغويّ .

وركّز البحث على أنَّ فاعلية التشكيل الصوتيّ ، وما يُسمّى الصفات الصوتية المتباينة يجب أنْ يُفسّر تفسيرًا أعمق من هذا المنحى الصوتيّ الموجّه ، وأنَّ النشاط الجماليّ الصوتيّ لا يمكن أنْ ينفصل عمّا نسميه – ببساطة – إدغامًا أو مدًّا أو لينًا أو إبدالاً أو وقفًا وإسكانًا ، وغير ذلك من مظاهر البناء الصوتيّ ، ويرفض المعنى البرئ من فاعلية التركيب والسياق ، ومثل هذا الرفض – على حدِّ قول القائل - خليقٌ بأنْ يجعلنا نعيد النظر في تشكيلاتٍ كثيرةٍ من بناء اللغة والشعر معًا ، فالتحليل الجمالي يثري التركيب والسياق ، ويلعب دورًا هامًّا في تكييف نظرةٍ خاصة للمعنى الأدبيّ وقيمته الفنية .
هذا ، وقد كانت لي توصيةٌ ، أشرتُ فيها إلى أنَّ كتاب الزَّاهر في معاني كلمات الناس يمثِّل ثروةً لغويةً لا يُسْتهان بها ، فيما يتّصل بمستويات التحليل اللغويّ جميعِها ، فيمكن أنْ يكون مجالاً لكثيرٍ من القضايا الصرفية والنحوية والدلالية ، وأخصُّ بالذِّكْر وسائلَ تآزرِ النِّظام اللُّغويّ مع الدَّرْس الصوتي من خلال الظواهر الصوتية ، ولاسيّما الإتباع والمزاوجة .